أوقات الفرح Print
User Rating: / 0
PoorBest 

كتبت وفية خيرى:

 

تيرى بباوى ونظرة سرية مثل حبة كرز!!

وسط خضم الحياة الصاخبة المشية بالماديات والمصالح ووثبات الصعود غير المبرر وهذائم الحمائم الوادعة المنطوية على

الامها ,تقدم لنا الشاعرة ديوانها الشعرى الخامس عشر بعنوان "أوقات الفرح" فتشعر وأنت تقلب صفحات الديوان أنه من
المستحيل علينا أن نعيش بلا حب ومضات ذكاء تنعش القلب وتبهجه ، كما لا نستطيع أيضا بلا أحاسيس رقيقة مرهفة
تثرى الفؤاد فهذه كلها أوقات فرحنا كما تقدمها لنا تيرى بباوى فى كتابها الجديد "أوقات فرح" وبدون هذه الأوقات تصبح
الحياة بلا معنى .... بلا هدف بلا فرح..
هذه الاوقات تقدمها لنا تيرى فى عبارات رشيقة موجزة فتدعنا نعيد النظر فى أسلوب حياتنا وتجعلنا نتساءل هل نحن نسير
على الموجة الصحيحة
وتيرى بباوى تطوف بنا خلال ال28 قصيدة من القصائد التى يضمها الديوان وبعضها قصائد لا تتجاوز السطور الأربعة
وهذا يحسب لها لا عليها فمن الصعب أن يوجز الانسان هذه المعانى الكبيرة فى سطور قصيرة تطوف بنا فى أجواء من
النقاء والروحانية والأحسايس الفياضة المرهفة والذكاء اللماح فنشعر بعد قراءتنا للكتاب أننا أصبحنا أكثر إنسانية وحبأ
وإقبالآ على الحياة عندما تؤكد لنا فى أكثر من قصيدة أن السعادة والرضا عن الحياة ينبع من دخلنا ونحن منذ قراءتنا لأول
صفحة من الديوان فى الإهداء الذى تقدمه إلى : "قلمى والقارئ قلمى إحتضنى قرائى – فرحونى.. إلى أخر صفحة فى
الديوان عندما تودعنا وتقول لنا "إلى اللقاء" ونحن نشعر بالبهجة والسعادة كطفل صغير "أوقات الفرح" يجعلنا نفرح
بالأشياء الصغيرة بالإشارات العابرة بالأحاسيس العميقة ودعنا نقرأ معا قصيدتها الأولى بعنوان "طفولة خضراء"
أفرح بالهداية"تقصد هديه الله"
أفرحلأن أحدا تذكرنى أفرح لأن الله يتفقدنى – يتابعنى – يريدنى دوما معه وعن الحب
ولعل من أرق الصور التى تقدمها لنا عن الحب والعلاقة السرية بين المحبين ما تقدمة لنا فى قصيدتها "أوقات الفرح"
وتخاطب فيه حبيبها قائلة :
"كحبة الكرز- النادرة –المشعة-اللامعة- الصبية على وجه قطعة الحلوى كانت نظرتك لى وسط الناس تلك النظرة الخاطفة
السرية الباسمة وسط الجمع الغفير الذى كان حولنا وما شعر به أحد
أخت النظرة السرية .. خبأتها فى عمقى أما حبة الكرز فقد احتفظت بها لأوقات الجفاف !!
يا لها من رقة مشاعر يا لها من ومضات ذكاء باهر صورة شعرية لم يسبقها أحد فى وضعها فى هذا القالب المنفرد تيرى
بباوى فى قصائدها 38 ترسم لنا بالكلمات صورًا فى غاية الرقة والإحساس فمن منا لم يمر بهذا التجربة تجربة تبادل نظرة
سرية مختلسة مع الحبيب وسط جمع من الناس من المؤكد أها إحدى أوقات الفرح التى نمر بها فى حياتنا ولكننا نتحاوزها
ولا نقف عندها فسرعان ما تجرفها أمواج الحياة بصحبتها فتمحوها من مخيلتنا ولكن تيرى بباوى تذكرنا بها فتنعش مرة
أخرى تلك الأحاسيس فى صدورنا" وعن حفيدتها الصغيرة تقول فى قصيدة"هذا أنا"
من هى؟؟
من هى كرستينا؟
هى الأهرامات فى الجيزة
هى الفنارة فى الأسكندرية
هى شجرة زيتون فى فلسطين ..
هى برج " إيفل" فى عاصمة النور "باريس"
هى بحيرة جينف
فحفيدة تيرى هى طفلة مصرية ولكنها تحمل جينات عربية ولها سمات أروبية تكوين عصرى مركب فريد من نوعه للطفلة
المصرية اليوم فتاة الغد .
الوحدة
وعن الوحدة التى يعيشها الفنان عندما يصعب عليها التواصل مع الأخرين فيظل سجين منزله تقول فى قصيدتها "وصيتى"
أطلب .........
من كل من عرفنى
من كل من رآنى
أن يطلق فى الهواء..
بالونة حمراء .. ترتفع .. تتجول بحرية ...
فى السماء .. الهواء .. الفضاء المتسع...
تتنسم الهواء .. الحرية كتعريض عن قعدتى على أريكة ردهة بيتى سنين وسنين وحدى إلى آخر القصيدة وعن السعادة فى
الحياة تقول فى قصيدتها "زهرة الحياة"
آشعر دائما أننى جميلة
لأنى أعماقى سعيدة جميلة لأننى أسعى دوما ...
لتجميل زاتى أعماقى كل ما حولى أجمله أسعى لأن أرى دنيتى المحدودة الواسعة جميلة
وعن الحب لمن كان مرهف الحس مثلها تقول فى قصديها�"قريبة يسيرة"
لماذا أخاف من حبك ؟
ولكم كانت الإجابة قريبة .. يسيرة فالعشق لمن .. مثلى .. إذا لم يكن مناسبا سيحطمنى .
وفى مقطع أخير من القصيدة نفسها تقول أخاف على حبى منك ما أقرب إحساسى وأغربه من مقولة تقول "شئ عجيب"
كيف تخاف من منظر الدماء مع أن الدماء تسرى فى عرقنا
ووجودها يحينا عن الإخلاص فى الحب تقول فى مقطع من قصيدة "فى العمر بقية"
أنا عيونى كثيرة عديدة أكبرها كان ومازال الإخلاص .. المجدل بالإخلاص
تيرى بباوى فى ديوانها الأخير "أوقات الفرح" لا تعمد فى عبارتها إلى التصنيع أو الفزلكة ولا المعانى المركبة المصنوعة
والموزونة والمسجوعة بل هى عبارات جاءت عفو الخاطر تترك نفسها فيها على سجيتها وتسرسل فى عرض مشاعرها
وأحاسيسها وأفكارها فى بساطة ووضوح فتدخل قلوبنا .
بقى أن نعرف أن لتيرى بباوى أربعة عشر ديوانا من الشعر بخلاف هذا الديوان كتبتها على مدى أربعة وعشرين عاما منذ
عام 1981 وحتى الآن
ما قد لا تعرفة أيضا أن المركز الكاثوليكى , كرمها هذا العام ومنحها شهادة تقدير على مجمل أعمالها .. وهى شهاوة لا
يمنحها المركز إلا لمن يلمس فيه إنسانيته .

 

 

وفية خيرى