حوار مع أمينة السعيد Print
User Rating: / 0
PoorBest 

أمينة السعيد

وشهادة اسمها الزواج
 
اسم نشأ معى وسكن جميع مراكز الوعى فى عقلى .. كانت أمى تعتبره قدوتها وكبرت وأنا أخشاها ، فإذا ذكر اسمها أشعر بأنى موظف على وشك أن يواجه رئيسه المباسر عليه أن يعدل من ((طربوشه)) ويصلح من هندامه .. حتى جمعتنى بها إحدى المناسبت الفنية، وقدمتنى لها الصحفية الكبيرة ((نعم الباز)) فأسقط فى يدى..
كيف اتعامل مع قدوة امى ؟ ولكنها خلبتنى بوداعتها ورشاقتها وعدت أقص على كل من يقابلنى كيف أن السيدة المفترسة أمينة السعيد رشية الحركة .. انيقة النبرات.. راقية الوجدان. شامخة فى تواضعها ، وأصبحت اشعر بغربة إذا مر على شهر دون أن أتصل بها ، وأنا اليوم أعترف لكم بعد أن اجريت هذا الحور معها بأننى قد احتفظت بكثيرآ رائها لنفسى لآنى لا أملك شجاعتها فاعذورونى ..زوجها الدكتور زين العابدين كان عالما من أعظم علماء الجامعة ، وكانت شهرته فى معمله وعملمه.. غرست هى فى أبنائنها منذ الصغر أن شهرتها على صفحات الجرائد هى شهرة زائفة بمعنى أنها شهرة توقيع على صحيفة أى أسم عام وشهرو عامة ، ولكن والدهم معروف جدا فى الاوساط العلمية يخدم بلاده أضعاف خدماتها هى لبلدها.. ترى كم من شهيرات عالمنا العربى فعلن ذلك؟
والآن نبدأ حوارنا مع من قالت اسالونى عام 1946 وما زالت تجيب عن كل سؤال حتى يومنا هذا.
مدام امينة السعيد لا يمكن ان نبدا حوارنا معك دون ان يكون اول سؤل عن باب ((اسالونى)) ما هى أهم ثلاث مشاكل عانت منها المرأة خاصة خلال ثلاثة أجيال عايشتها .. وإذا طلبنا المقارنة بين الأجيال الثلاثة وقيل إن العمل سوف يحرر المرأة بماذا تحقق لها خلال أعوام عمر باب اسألونى ؟
-طبعا كان لكل عصر صراعه ونوعية مشاكله.. ففى البداية كانت النوعية صراع المرأة فى سبيل حرية التعليم وصراعها مع أهلها وزوجها ثم صراعها فى سبيل العمل وحق الحياة ..جاء بعد ذلك ما ترتب على العمل من صراع المرأة مع الرجل على من الذى ينفق على ميزانية البيت.. هذه كانت معظم مشاكل باب (( اسألونى)).
ما هى مشاكل المرأة اليوم ؟
-هى الن تمر بمرحلة التمزق النفسى والضغوط الأجتماعية التى جعلتها مشتتة الذهن والجدان بعد التعليم والعمل و الحرية.
هل اسعدت الحرية المراة؟
-    الحرية قد اسعدت الماة كثيرا ولكنها اضفت كذلك على حياتها كثيرا من عناصر التاعب، والسعادة أصلا نسبية، ولكن على الرغم من كل شىء بلا شك الحرية قد اسعدتها،فعلى الاقل كونت الحرية لها الشخصية المميزة ، وجعلت منها انسانة لها حقوق و واجبات فى المجتمع ، وكل هذا يحسب لصالحها أولا وأخيرا، وهى بالتأكيدتسعد به لأنه جعل منها إنسانة بعد أن كانت عفوا ((شلتة)) لا حول ولا قوة لها .
-    قيل أن العمل سوف يحرر الراة..هل تحقق هذا ؟
-    لقد تحقق هذا الى حد كبير جدا ، ولكن المراة اليوم انشغلت بمشاكل الحياة مما أبعدها وأفقدها هذا الشعور بلذة الحياة العملية.. ففى ايامى انا كانت المراة الجامعية تعمل لتثبت أن لها رسالة وقيمة ودورا فى المجتمع ، ولكن اليوم الماة التى تدخل الجامعة تدخلها بلا رسالة وليس مهما عندها أن تتفوق ، فهى تريد فقط أن تجد الزوج الذى يتزوجها ، ويريحيها من عبء العمل ، ويا حبذا لو كان هذا الزوج مقتدرا ماديا فتكون قد بلغت المراد ، فى فى حين انه على ايامى كان العمل هو الهدف الأول والأخير والمادة كانت أخر ما نفكر فيه ، وانا أحمد الله أن زوجى كان موفقا ماديا ، وليس فى حاجة ادخلى .
ولكن لو وصلات الأمور بيننا إلى حافة الطلاق لاخترت الطلاق على ترك الوظيفة لأن العمل كان تكملة لذاتى وكرامتى الاجتماعية.
ما هو الاسلوب الذى اتبعته لتنشئة أبنائك ؟
ابنتى الكبرى انجى زين العابدين فى كلية الزراعة ، وثانى أبنائى حازم زين الدين هو مدير مبيعات فى شركية موبيل أويل ، وثالث أبنائى باسل زين العابدين قد اختار لنفسه الأعمال الحرة .. وقد أعطيتهم جميعا كل ما حرمت منها أنا شخصيا ، وهو ليس حرمانا ماديا بل معنويا ، فأنا قد حرمت منذ الصغر من الحرية فأدخلتهم مدارس مشتركة منذ الصغر ، فعندما وصلوا إلى المرحلة الجامعية كان الختلط شيئا عادى بالنسبة لهم ، وأنا قد اتبعت فى تربيتهم أسلوب الإقناع ولم استعمل الضرب كاوسيلة لعقابى أبدا معهم ، ولكن كانت كلمتنا أنا و ولدهم مقدسة وواحدة لا تتغير وعقابى لهم دائما كان عقابا معنويا أجنبهم الإسراف والتبذير بعد ان لا حظنا أنا وولدهم عدم تقديرهم للمادة لصغر سنهم ، فكانو يسرفون فى استهلاك الحلوى و المشربات الغازية بدون وعى بأن يطلب الطفل الحلوى والمياه ولا يكاد يتذوقها حتى يتركها إلى متعة أخرى .
كيف غيرت مفهومهم فى هذا المحاة المبكرة ؟
اتفقت مع والدهم على اننا مسئولان عنهم فى العلاج والغذاء فى المنزل والمدرسة، على أن نعطيهم مبلغا من المال سنويا فى مظروف عليه اسم كل منهم بداية منه منتصف شهر سبتمبر قبل بدأ السنة الدراسية وهم عليهم الكساء المدرسى والنزهة على مدار السنة.
كم كانت عما رهم وقتها ؟
كانت أنجى فى الثالثة عشرة من وحازم فى الثانية عشرة وباسل فى الثامنة فكان فى رعاية إخوته ، وأذكر بعد هذا الاتفاق بثلاثة اشهر أن جاءتنى ابنتى تطلب من رصيدها سبعين جنيها ، فارتجف قلبى فى صدرى من الهلع ، ولكنى سلمتها المبلغ منرصيدها بهدوء ،فإ ذا بها تسألنى فى فزع (( ألم تسألينى لماذا أريد هذا المبلغ الكبير)) فأجبتها بالنفى لأن هذا مسؤليتها ،وإذا رأيتها فى البرد القارس بثياب خفيفة لن تصعب على فتراجعت قائلة " أرجوك ردى النقود إلى مكانها فنحن كنا نمتحنك.
-    مدام أمينة كم كان عمرك فى ذلك الحين مع كل هذه الحكمة ؟
-    كنت فى بداية الثلاثينات وأذكر بعدها أنهم كانو يتقاسمون زجاجة المياه الغازية ، وقطعة الحلوى بعد أن كانو لا يقيمون وزنا للقرش ، وعندما أصبح المكال مالهم حتى الاذية كانو يحافظون على صيانتها ، واطلة عمرها فتعلمو الأقتصاد منذ الصغر ، وأصبح لكل منهم رأس مال وضعوه فى البوستة بأسمائهم.
-    وهل نشأوا أبناءهم على نفس النهج وذات المنوال ؟
لا.. لم يطبقوا ذلك على اودهم وإن كانت تربيتهم لأبنائهم بدون إسراف بتاتا.
-    مدام امينة هل تزوجتى عن حب ؟
جدا.. جدا واشارت إلى صورة زوجها الراحل بكلتا يديها ، واكتسى وجهها بفرح حزين والكلمات تتدفق من قلبها إلى شفتيها .. هذا الرجل كان حياتى بأكملها، وليس حبا فقط فقد نشأنا معا بحكم الجيزة أطفالاً ،كنا اصدقاء نلعب معا ، وفى المراهقة ربطنا الحب معا ، وعندما التحقنا بالجامعة كنت احمل اسه مع خاتم الخطوبة فى إصبعى ، وبعد التخرج اصبحت زوجته ، وعشنا هذا العمر معا فى حب لا حدود له ..
حب كله إخلاص ومودة واحترام واجلال ، ولا أذكر إنه فى يوم من الايام اساء إلى أو اسأت اليه حتى ولو بكلمة أو بلفظ ، ولذلك عندما توفى شعرت بتمزق فظيع أن أفقد من شاركنى كل هذا العمر مشاركة وجدانية وحياتية .
هذا يقودنى إلى سؤال عن الزوجة اللامعة وزوج بدون شهرة هل توجد مشاكل إذا اعتبرنا السيدة أمنية السعيد استثناء فإن القاعدة أن الزوج يغار من شهرة ونجاح زوجته ؟
نحن علمنا العربى الأسف الرجل غير ناضج بما فية الكفاية ليتقبل هذا الوضع فبدلا من أن يفخر الزوج العربى بزوجتة يغار منها ومن شهرتها ، ويكون ذلك سببا فى تعاسة بيوت زوجية عديدة ، وهذا يدلنا على قصر فى إدراك الرجل العربى ونموه العقلر فى كل البلاد العربية ، والمجتمع الرجالى متخلف بدليل أننا الآن ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين نجد من ينادى بأن تمنع المراة من العمل مع صرف راتبها لها بدون أن يقابله عمل تقوم به ، فهم يريدون أن يجعلوا من النساء المتعلمات متسولات.
حضرتك درست الأدب الإنجليزى .. تجربة اتصلنا بالثقافة الغربية هل كونت عند الإنسان المصرى ضمير ام أفسدته.. هل أبعدته عن تراثه وانتمائه .. هل زرعته فى أرض أخرى ؟
-    بلا شك أن الدراسة الأجنبية الحقيقة البعيدة عن السطحيات توجد ضميرا كبيرا وعظيما جدا .. المهم ان يصلهم بالجوهر ، والعرب دائما محافظون على جذورهم .. وليس من السهل زرعهم فى ارض اخرى بدليل تعاقب الحتلال الفرنسى والإنجليزى على البلاد العربية ومع ذلك لم يتسرب لوجدان العربى لا بعادتهم ولا بتقاليدهم ، ولكن التناقض هواننا فى بلاد نجمع بين المتعلمين و الأميين .. والأميون هم الأغلبية وهنا يكون التناقض لأن المتعلم بجده و اجتهاده نسبتة قليلة إلى الأميين حيث الأمية تثقل هالكنا ، فأصبح المتعلم المزروع فى ارض غير ارضه.
-    مام امينة بعد اقترابك القوى من الأنسان العربى ماذا تحقق له من امال وماذا ينتظره على الطريق ؟
الإنسان العربى لم يتحقق له من الأمال ما كان ينبغى ان يتحقق له .. فالإنسان العربى يقاوم التقدم وبداخله عنصر عجيب جدا يحارب العلم والتقدم والفكر العلمى وهذا عن الزمن الماضى القصير أو الطويل وقد كان من الممكن أن ينجز اكثر مما وصل اليه.. عندما التقى بالرجل العربى اليوم المتعلم أجد أن أبى كان أكثر حضارة منه وأبى يمثل ثلاثة اجيال من الماضى فأجد ان ابى كان اكثر تقدمية وأكثر ذكاء وأكثر فهما للمجتمع العربى .
فى رأيك ما مرد هذا؟
هذا يرجع أن ثقافة الرجل العربى اليوم ثقافة سطحية وجذورنا العربية العميقة الموجودة لا تجد من يساندها ويقومها ، ومن يقومها يهاجم ويشهربه ، وغذا كتب او قال ما يدعو إلى الحرية العلمية وإلى التقدم العلمى حدث له مثل ذلك.
هل تين أن الأدب العربى الذى يقدم اليوم عن المرأة فى كل المجالات يعبر فعلآ عنها ؟
قليل منها فقط هو الذى يعبر عن المرأة العربية ..أما معظم كاتباتنا فمقلدات لفرنسوا ساجان وغيرها ولا تحاول الأديبة العربية اليوم أن تقدم شيئا نابعا من بيئتها وأصول حياتها.
ألا نستطيع أن نقول أن الأديبات العربيات مقيدات من مقلدات ؟
لا طبعا لأن التقييد سلوك اجتماعى ، ولكن نحن يمكن ان نقول أيضا مقيدات لأن الأديبة العربية اليوم إذا قالت كل ما يجش بصدرها بصراحة و وضوح يثور عليها المجتمع مما يدفعها أن تكون هى رقيب نفسها ، لا تقدم ألمرأة كما يجب وانت على جق بسؤلك فهن مقلدات ومقيدات.
لماذا يرفض الرجل المقتدر ماديا اليوم أن تعمل زوجتة ؟
-    مازال العمل مقرونا فى بلادنا بالفقر وهذه نظرة خاطئة جدا وفرص النقاوة الاجتماعية والتفتح الاجتماعى غير موجودة بسبب الردة الحضارية التى تمر بها البلاد العربية بأكملها .
-    ما تعليقق على نموذج آخر لرجل يستمرىء دخل زوجته ببىدة وبرود وهذه نماذج موجودة بنسبة عالية الآن ماذا اصاب مجتمعنا وكيف ارتد النقيض إلى النقيض ؟
-    نعم هذا النموذج موجود فى مجتمعنا مع الأسف .. والرجل بهذه الطرية يدفع كرامتة مقابل دخل زوجته .. لأن المأة فى طبيعتها تحتقر بعنف الرجل الذى يستغلها ماديا وأنا تأتينى الكثيرات باكيات لأن أزوجهن يستولون على راتباتهن ويعطونهن فقط مقابل المواصلات وقدحا من القهوة خلا ل العمل.
-    إذن لماذا ترضخ الزوجة وتعطى زوجها دخاها بيدها ؟
-    هى مضطرة أن تعطيه وإلا طلقها وحرمها من أطفالها وقوانيننا السيئة لا تعطيها الحماية وليس السهل ان تعترض الأم لفقدان أبنائها ، وأنا ايضًا الوم المرأة على ضعفها وسلبيتها ولكن الرجل العربى بطبعه لديه شهامة لا أدرى أين ذهبت.
-    فتاة اليوم هل ترينها سعيدة أو أصبها الاكتئاب ؟
-    انا لو كنت مكانها ملا كنت أشعر بالسعادة فليس ما يسرنى ، وانا أكبر سنا ، والمفروض أن أكون أكثر حلما ، ضاق صدرى بكل السيئات و النواقص التى تحيطنى ، فكيف إذن بفتاة فى مقتبل العمر وكل الطرق فى وجهها ليست مشرقة بل مسدودة .
-    ولكن المفروض أن فتاة اليوم تجنى ثمرة كفاح.. السيدة أمينة هل ثمارك لم تؤت أكلها بعد ؟
-    فعلا لم تنتج لأنه توجد ردة حضارية .. الاكتئاب أصبح مرض العصر فليس هناك اليوم شاب أو شابة لا يعانى من مرض نفسى .
-    الفتاة اليوم لماذا تلتحق بالجامعة ؟
-    فتاة اليوم تدخل الجامعة لآن الشهادة تؤهلها لوظيفة تتزوج من خلالها وتحسن مستواها المادى .
-    اليوم.. بماذا توجهينها .. وبماذا تلومينها ؟
-    أقول لها إملأى قلب ابنائك بالصدق أو أغرسى فيهم ثقتهم بك وكونى اهم القدوة الصادقة الواثقة المؤمنة .. وأنا لا ألوممها فما فيها يكفيها .
-    فتاة اليووم .. ما هى كلمة السيدة الأجيال الثلاثة لها ؟
-    يجب ان تكونى ذات رسلة ، وإذا لم تكن لديها رسالة فالتظل داخل جدران بيتها فتريح وتستريحى.
-    لايمكن أن انهى حديثى مع السيدة أمنية السعيد دون أن أسألها .. بعد هذا التاريخ الطويل ماذا ينقص المرأة ؟
-    ينقصها الكثير جدا .. تنقصها الحرية وينقصها الفهم الآجتماعى فكل هذا لن يتحقق لها من المتلمات أميات اجتماعيا وحضاريا فقد نجد ((بنت البلد)) غير المتعلمة تفوق متخرجة الجامعة فهما ورؤية للحياة .. فعلى المرأة اليوم ان تعرف ماذا تريد وأين هى وما هى أهدافها فى الحياة فالمرأة اليوم مقلدة تتبع الموضة العمياء وترتدى الأزياء كالبهلوان لتلفت إليها الأنظار أو تنقلب إلى النقيض .