قلبى مدينة حب Print

 :كتب فاروق شوشة

تيرى بباوى تهدى مجموعتها الشعرية الجديدة "قلبى مدينة حب" إلى فرصة جديدة فى الحياة . وهى بهذا الإهداء تصفح عن تقديرها العميق لمعنى أن يعيش الأنسان حياته وأن يكون أمامه خيط من أمل ورجاء تتعلق به وفرصة , ويوم بعد يوم�وقصيدة, إنه إهداء متفائل يسمح بيده الحانية جراح الماضى وخذلاته , يفسح مجالا
لهذا الجديد القادم الذى هو فى تقدير الشاعرة فرصة جديدة تستحق الحفاوة والترحيب .
فى قصيدة عنوانها "دعوة" تقول :
لو تعرف .. شياً عن حبى لك
لو تعرف
معنى حبى لك
حبك .. يطادنى
فى عيون طفلة شقية
قد يكون اسمها "تمارا"
فى مدفأة بائع بطاطا حلوة مدفأة بائع كستناء ساخنة
فى الجو البارد
فى يوم شتوى حميم
فى عيون هاربة من الحزن
تبحث عن الفرح عن فستان العيد
حبك ...
موجود داخلى .. وحولى
موجود فى زهرة تيوليب بيضاء
كبريؤها كوجودك فى عمقى .. عاليا
حبك..
أخبئه داخل قفازاتى الحريرية بين الكف .. والدفء
لا يراه أحد
مع أنك فى كفى .. فى قلبى
على طول فرد ذراعى أو ثنيها
أخبئك ..
أحضنك ..
سرنا بيننا
معى ,معى, معى
أخلع قفازاتى
أطلقك من كفى
تعود ترقد على صدرى
وردة ,فراشة, صهيل خيل !
والشاعرة تيرى بباوى تنتزع مفرداتها والوانها وصورها الشعرية من تفاصيل الحياة اليوميه يوم بيوم ومكانا بعد مكان وموقفا بعد موقف الأيام تتراكم وتصنع بتراكمها
مخزن الذاكرة , والألوان تندمج وتتدخل وتصنع باندماجها سيمفونية الشجن الحزن الشيف , والمواقف تتعارض وتتقاطع حادة كالسيف أو رقيقة كأطياف الغسق ,
لكنها فى كل حالاتها تتدفق شعرأ .. ليس له ولا أوان , وليس لها تحكم فيه أو إرادة , وإنما هو يفيض عنها وبها , تنسج هى من مفرادتها الشخصية جدا نسيج
قصيدتها المتميزة .
تقول تحت عنوان "نداء له لون":
يوما ما
فى مكان .. ما
فى عمر ..ما
فى زمن ..ما
ناديتنى
مسنى النداء
فرحت .. سعدت .. طرت
لمست قمم الجبال
أشرعة المراكب
شعاع الغروب
ضوء القمر
أجنحة النوارس ما أحلى نداءك على
فهو كبصيص الفجر
كان لندائك
صوت البلابل
أصابع البيانو
أنغام الكمان
كان لندائك .. صوت
صوت كعصافير الحب
صوت له لون
لونه ناصع .. صاف
صاف كقاب طفل
كخيال رضيع
كذلك له صلة بالأرض
كرائحة طمى الأرض بعد المطر
كرائحة أوراق الشجر بعد المطر
كسماء يفترشها قوس قزح
يا فرح .. فرحى ..
سمعت نداءك
أجبت نداءك
ترى هل سمعتى
فها أنا أجيب النداء
نداء جاء
فى يوم .. ما
فى مكان ما
فى عمر..ما
فى زمن ..ما
فأضاء زمانى !
وفى مقطوعتها القصيرة "كلمات" تقول تيرى بباوى:
ترى..
هل ما زال هناك أحد لديه القدرة على التخيل !
كلمات..
قالتها إنسانة تحيا ..
تحت خط الفرح !
وتقول :
صدقونى
أحلى ما فى قلبى :
ابسامتى !
وتقول :
أبحث عنك كطفلة تريد القمر
لا تعرف .. أنه
الأمل المستحيل !
وتقول:
الكلام المر صعب أن يمر
هذا ما تقوله تيرى بباوى فى مجموعاتها الشعرية الاثنتى عشرة , تلك التى صدرت أولاها : لحظة صدق عام1981 وأحدثها "قلبى مدينة حب" منذ ايم قليلة .. وبينما
نهر من الشعر تدفق فى دواوينها : باقة حب , عمر من الحب, المراة والزمن , الفراشات , الحنان , أحلى من الكلمات , أمراة من برج الأمل , المطر .. صحبة ,
حروف ملونة , وردة وياسمين .
وتيرى بباوى لا تقلد أحدا ولا تهتم كثيرا بأن يصنفها الناقد أو القارئ فى تيار شعرى , إنها تكتب لنفسها أولا , ثم لقارئ تحبة وتحتضنه بنجواها وأشواقها , ولا
يعنيها بعد هذا أن يقال إنها شاعرة تكتب قصيدة النثر , أو أن شعرها لاعلاقة له بعروض الخليل بن أحمد , فموسيقاها فى داخلها هى , وعالمها الشعرى يغنيها عن
سؤال الآخررين وعن الإجابة على تساؤلات الفضوليين.
فقلبها كما تقول لنا – مدينة حب !

فاروق شوشة