مصطفى أمين هرم الصحافة المصرية الأول �21فبراير 1983 م أتم هرم الصحافة المصرية الأول الأستاذ مصطفى أمين ، عامه التاسع والستين، ويبدأ رحتله مع عامه السبعين بإن الله.. وفى هذا العام يطفىء أمين شموعًا اعياد ميلا ده وايضا يشعل تسعة شموع رمز خروجة إلى حضن الحياة والناس فى السابع و العشرين من يناير 1983 م بعد أن قضى فى سجن ليمان طره ثمانى سنوات وستة أشهر وخمسة أيام وبذلك نقول له عيد ميلاد سعيد وكل سنة وانت معنا قبل أن يجذبنا معه حديثه الذى أتمنى أن أكون قد تطرقت معه فيها إلى كل الجوانب التى يتمنى القارىء أن يعرفها عنه. أستاذ مصطفى أمين ، اولا أحمل لك تهنئة القراء باستقبال عامك السبعين وتهنئة أخرى لاستقبال العام العاشر لعودتك إلينا ثم أتسألك إذا فكر أحد فى إجراء حوار معك وواجه موقفا محيرا ويجد عقله متجمدا إذن من أين مع شخصية فذة غنية متفرعة القنوات ، فقلمك سياسى عاطفى ، تاريخى يقلبونك بشيخ الصحفين ولكن لابد من معرفة الإجابة أولا على حقا محير هذه الحيوية الفياضة. وأنا أمسك الخشب + أين نبعها داخل مصطفى امين ؟ -� أولا كل سنة وأنت طيبة.. +� وأنت طيب .. ومعنا.. - ثانيا فأنا أكتب كما أتنفس طالما أنا على قيد الحياة أكتب .. فما ترينه أنت حيوية أراه أنا حياة وسوف استمر فى الكتابة ولن أتوقف إولا إذا أنتهت حياتى.. +� قلمك يتابع ما يحدث فى أقصى بقاع الأرض وأحداث مسلسلة فى القاهرة وخبراً صغيراً فى صفحة مندثرة من جريدة يومية يبدو لى أنك تنام وذهنك يعمل ، كيف تتعامل مع عقلك ومتى تسمح له بالراحة ؟ -� أنا لا أعطي أجازة لعقلى أنا أعتقد أنى أفكر فى أثناء نومى .. وكثيرا مما أستيقظ من النوم فأكشف أنى قد كتبت مقالة وانا مستغرق فى النوم .(كنت أتمنى لو أن القراء كانوا معى ليتابعوا دهشتى ). + الشباب تعطيهم الأمل والكبار تؤنسهم، الذكريات والمرأة تساندها وتؤازرها والآطفال تعلمهم حب الوطن والتبرع أين مصطفى أمين وسط كل هؤلاء ؟ + ببساطة أنا رجل مؤمن بالله وهذا الإيمان يعطينى الأمل فأنا استمد أملى من إيمانى ولولا هذا الأمل لما بقيت على قيد الحياة والإيمان فى اعتقادى فهو بالنسبة لى أشبه (بالدرابزين) الإنسان عندما يصعد سلالم أو ينزل منها حتى وان يكن فى حاجة للإستناد الى السياج يكفى أن وجوده يشعره بالأمان فلك أن تتصورى سلالم نزولا وصعودا معلقة فى الهواء يكفى أن التخيل ليتملك الخوف فوجود السياج بالنسبة لى هو الإيمان وأنا يؤلمنى أن أجد بشرا غير مؤمنين لانهم يعيشون فى قلق ويقعون عند صعود ونزول الدرج بدون السياج الذى أطلق أنا عليه الإيمان. +� أعرف عنك سرا صغيرا، أنك فى يوم أختفيت على كل المحيطين بك وذهبت إلى سيدة صديقة اتصلت بك فى حالة يأس تريد أن تقدم على الانتحار وقلت لها "ماذا كنت تفعلين عندما اتصلت لو اخبروك أنى توفيت بالسكتة القلبية فى مكتبى قبل اتصالك بثوان ما هو احساسك وانت تفقدين صديقا لك بالموت ؟ (وفعلا تراجعت السيدة . أستاذ مصطفى فى رأيك لو قلت لها هذا الكلام من خلال التليفون هل كانت تتغير النتيجة ؟ -� اعتقد أن ذهابى اليها كان أسرع من التليفون .. ثانيا أنا أعتقد أن اللقاء أقوى فى الحديث من التليفون . + هذا ما كنت اريد ان اسألك عنه ، هل الاتصال المباشر بين البشر ضرورى ؟ -� نعم ضرورى + أمن أجل هذا باب مكتبك لا يغلق فى وجه أى إنسان ؟ -� أبداً وكنت أتمنى لو أن اليوم 48 ساعة حتى أستطيع أن أقابل كل من يريد مقابلتى وأنا أشعر بالتعاسة لأن وقتى لا يتسع ولا يسمح. +� أستاذ مصطفى سنوات السجن مع قسوتها أبعدت الشيخوخة عنك عشرات السنين ما تعليقك وما تفسيرك ؟ - السجن عبارة عن (فريجيدير) وانت إذا جمدت قطعة لحم واخرجتها بعد سنة أو سنتين ستجدينها كأنها مذبوحة فى نفس اليوم وهم عندما وضعونى فى السجن اعتقدوا ان لدى خروجى سأكون قد تعنفت . + ربما يدهشك ان تعرف ان الجماهير تقول ان السجن زادك نضارة و اضيف عليك رونقاً فخرجت منه اكثر بهاء و امضى بصرى و اغذر رويه و ارفع حرارة و دفئاً بعكس ما اريد لك من تجمد و عطب , فما سر كل ذلك ؟ -� انا اعتقد انى استفد من السجن كثيراً فأول شئ نزلت لاول مرة الى قاع المدينة حيث اكتشفت انها توجد قلوب اكثر مروءة و اكثر حناناً و اكثر صداقه من الذين يعشون فوق سطح المدينة بل و قيمتها و زروتها . + ما الذى يحزن مصطفى امين ؟ - يحزننى ان الاصالة التى كانت موجودة فى الامة العربية اختفت وانا لا اعتقد انها مختفية و لكنها مختبئة انا اعتقد ان الديكتاتوريه التى اجتاحت المنطقة العربية اشبه بالاعصار و من الطبيعى انه خلال الإعصار إختبأ البشر داخل البيوت و لكن عندما ينتهى الاعصار لابد ان يعود الجميع الى الهواء النقى ويخرجوا من مخبأهم و المروءة و الشهامة و الصداقة الامانة و نكران الذات و كل الاصالة الجميلة فى الأمة العربية هى مخلوقات فعندما هجمها الإعصار خافت و اختبأت داخل البيوت و اغلقت الابواب و النوافذ و لكن بعد حين عندما تعود الحياه الطبيعية يتمتع الشعب العربى و الانسان و سوف تفتح الابواب و تعود من جديد الى الشوارع و الاصالة و الفروسية و الصداقة و الامانة ونكران الذات و النزاهة و محبة الناس بعضهم لبعض لان هذا شئ لايموت + اعرف ان لك رأى فيما تقوم به من خير حيث يقابل بلغدر فتقول كأنى تنولت وجبة شهية مع صديق لى و استمتعنا بها معا بعد ذلك فاذا انكر خلى الوجبة و الصحبة فهذا لا يلغى ان الوجبة كانت شهية و انى استمتعت بهما ( هل تغير مفهومك للخير و الغدر مع السنين )؟ - لا فأنا استمتع بالخير فالخير أراه كإنى خرجت لنزهه مع فتاه جميلة جداً واستمتعت بصحبتها فاذا كانت هى لم تستمتع فهذا ليس زنبى انا اخذت المتعة و اردت امتعها الخير بالنسبة لى متعة فاذا انكرها الطرف الاخر فهذا لا يضرنى + قال مصطفى أمين يوم لسيدة ( عاملى كل البشر كانك تعاملين حبيبك . هل يرضيك ان يرى حبيبك الجانب السيئ منك ؟ ( هل تعتقد ان امرأه اليوم يهما ان يرى او لا يرى حبيبها سيئتها )؟ + المراه اليوم تقولها جهاراً ( ان كدة ولازم تقبلونى كما انا .... ما تعليقك و ماهى الدوافع ورء هذا التحول المتنمر فى المرأه ؟ - لو كانت المراه تعنى ماتقول ( خذونى كما انا ) لما جملت شفتيها و لا ملاءة نفسها بالعطر ولا بالطلاء كل ذلك يدل على انها لاتريد ان يرها حبيبها كما هى . + فيما مضى قيل انك كنت على علاقة حب بسيدة و من سياق الحديث عرفت انها تشاجرت مع أمها فغضبت و انسحبت قائلاً كيف تجرئين على ان تعيشي مع سعات هنا وانتى على خلاف مع من ولدتك انتى مزيفة ( ماذا تقول اليوم وفتيات هذا العصر يعيشان وسط اسرهن و يضعن حواجز عليها كثيفة بينهم و بين الأم والأب دون أن يتأثر فهل هن مزيفات أم هو الزمن الذى يغشنا أم هى عواطفهن تزيف لهن كل شئ ؟ - أنا لست عادلاً بين ايه ام وابنتها لانى تلقائياً انضم للام و اخجل لان لدى هذا التعصب . + حسناً ما هو تفسيرك لما اراده الشباب بأختيارهم البعد عن حنان الاب و الام و فضلوا أن يعيشوا فى عذلة عنهما داخل نفس البيت ؟ - الموفق هكذا نتيجة الاعصار الذى اجتح المدينة والذى هب على المنطقة و الذى اسميها انا ديكتاتورية و الناس يطلقون عليها حكم الفرد وانا أقول أن الدافع هو الخوف الذى مذق الروابط الإنسانية لدرجة أن الأبناء يلهسون وراء موت الولدين ليرثوا سكانهم و انا جانى اب له ابن فى السابعة من عمره سأله ذات يوماً قائلاً بابا متى تموت انت و امى و زعر الاب و سأل ابنه من أين أتى بهذا الكلام فأخبره الطفل بأن احمد زميله فى المدرسة قال انه لا يحتمل هم وجود سكان عند زواجه لأن عندما يموت ولده سوف يرث البيت . هذا الشعور بالمادية شئ جديد على عالمنا و على قلوبنا و انا اعتقد ان الطيغان حطم الروابط و جعل الحب يندثر و فى حالة هروب كل شئ جميل فى هذا العالم هرب ولم يبقى الا المسخ ولكن أنا مؤمن بان تقاليدنا العربية الأصيلة إذا كانت دفنت حيه تحت الارض فسوف تبعثها الحرية من جديد . + تركت بصماتك على كل من ارتبط بك او عمل معك .. مصطفى أمين تأثر بمن و بصمات من عالقة فى قلبه و فى عقله ؟ -� بصمات امى . +� ماهى اخر كلمة تقولها قبل ان تنام ؟ - الحمد الله + هل تعتقد إنك أثناء سنوات السجن كانت علاقتك بالله اقرب و اعمق منها و انت فى عالم الحرية و الضجيج و المرورة الختنق وتكالب الناس على بعضهم بدون هدف محدد ؟ - نعم انا قد رأيت الله فى زنزانتي أكثر مما رايته فى الحياه + بماذا تعلل ان يوم 7 اكتوبر 1981 ثانى يوم حادث المنصة كان الناس يسأل بعضهم بعض ( هل قرأت فكرة ) ولا يقولون هل قرأت جريدة الاخبار ؟ - إن فى هذا اليوم كنت مريضاً بالذبحة الصدرية و كتبت هذه الفكرة و انا فى فراش المرض و أذكر إني أصبت بها يوم 3 اكتوبر و امر الطبيب بمنعي من التحرك بتاتاً و من الكتابة ايضاً و لكني ازعمت لكل الممنوعات الا الكتابة فسمح لى فقط بالكتابة فكتبت فى سريرى معلقاً بالتنفس الصناعى وارضتت ان تصل انفاسى للناس . + أنفاس التنفس الصناعى أم أنفاس الحرية ؟ - أنا كنت طريح الفراش ولا أتنفس هواء طلقا طبيعيا وهواء الحرية لم يكن قد دخل بعد إلى صدرى لأن الأبواب والنوافذ كانت مغلقة حينذاك . + هل توافقنى أذا قلت لك انك كاتب محظوظ لأنك عشت حتى خرج قلمك إلى الحرية بعدك بستة أعوام ونصف ؟ - قلمى خرج إلى الحرية وأن فى السجن وداخلة كتبت عشرة ألاف خطاب وقصصا يعرفها القراء : الأنسة هيام و كاف ، لا، ووقتها كانت أوامر وزير الداخلية أنه يجب ألا يتركو فى غرفتى أدوات كتابة ومسموح لى فقط بكتابة خطابين لأسرتى فى الشهر وفى غرفة مأمور السجن أنا كما قلت إن الكتابة بالنسبة لى كالتنفس فبدأت فى تنظيم عملية تهريب... استمعت اليه حتى أتم قصتة التى يحفظها القراء والمستمعون والمشاهدون فى مصر وفى العالم العربى عن ظهر قلب ثم بادرته بسؤالى : + حضرتك تحاورنى وتقص على قصة لن تكون جديدة على القراء وأنا اسألك سؤالا محدداً أنت خرجت من السجن فى يناير 1974 وقلمك خرج بعدك فى نوفمبر 1981 ؟ - هذا التاريخ ليس صحيحا .. - إذا صحح لى معلوماتي ؟ الصحيح ان قلمى خرج يوم إلغاء الرقابة على الصحف علم1974 واستمر معي سنة أولى حرية حتر صدر قرار الرئيس محمد أنور السادات بفصل وعزل اثنى عشر رئيس تحرير جريدة فى يوم واحد. + هل تذكر لنا التاريخ ؟ - كان فى فبراير أو مارس عام 1986 ورؤساء التحرير الذين أطيح بهم فى ذلك الوقت كانوا : فكرى أباظة وعلى أمين إحسان عبد القدوس والصاوى محمد ومحمد التابعى ومحمد ذكى عبد القادر وأنا وصلاح حافظ وعبد الرحمن الشرقاوى وفى غمضة عين عدنل الى روضة الأطفال بعد أن كنا فى سنة أولى حرية أصبحنا فى روضة اطفال الحرية إلى أن جاءت سنة 1981 كانت الرقابة تشطب من (فكرة) ستة أسطر أو نصفها وأحيانا كاها ويطلب منى أن أكتب غيرها .. ومنذ نوفمبر 1981 لم تشطب كلمة من (فكرة) إلى اليوم ولكن لا اعلم ماذا سوف يكون الحال علية فى الغد. + مسك الختام.. عمودك اليوم اذدادت طلاوته منذ أكثر من عام هل لأنك تغمسه بشهد الحرية أم لأنك تملؤه بمداد الحقيقة ؟ - قلمى كما هو .. الجديد فيه أنه لا يشطب منه شىء إنما ما أكتبه الآن حاولت أن أكتبه طوال سنبن عمرى. + سمعت من بعض المثقفين جدا وأنا أضع تحت كلمة جدا خطين : أن عمود (فكرة) هو جريدة يومية فما تعليقك ؟ - أنا لا أدعى هذا أنما أستطيع أن أزعم عمود (فكرة) يعبر عن الناس لان مهمة الصحافة أن تقول للحاكم ما يريده الحاكم .. هذا كل ما لدى كشرح وإجابة لسؤالك . + التاريخ لو سمحت ؟ - اى تاريخ + اليوم - 8 فبراير 1983م مصطفى أمين.. + شكرا وكل سنة وأنت طيب ولعام أعوام قادمة ؟ - وانت طيبة وكل القراء بخير..
|